نريد رواية تلتزم بشروط الفن … ولا للإثارة واستفزاز القارئ

  جدار الصحف: من الصحف: أسماء الزهراني: نريد رواية تلتزم بشروط الفن … ولا للإثارة واستفزاز القارئ
*** الكاتب:


الرياض – مشعل العبدلي     الحياة     – 18/11/06//
أسماء الزهراني، اسم حفر نفسه في الآونة الأخيرة بشكل واضح وبهيج، من خلال  تقديم قراءات نقدية لعدد من النصوص السردية المحلية، في منابر متعددة كمنبر جماعة السرد في النادي الأدبي في الرياض، وفي عدد من الأمسيات القصصية والصحف ومنها «الحياة». وهي أكاديمية حاصلة على ماجستير في النقد العربي من جامعة الملك سعود. كما قدمت نفسها شاعرة من خلال ديوانها الأول الصادر أخيراً بعنوان «انكسارات»، وإلى جانب ذلك تكتب القصة القصيرة.وانضمت أخيراً للزميلة «الوطن» كاتبة صحافية.
ننشر هنا حواراً معها حول تجربتها وحضورها في المشهد الثقافي. > كيف تنظرين إلى  حضورك في المشهد الثقافي، الذي يمكن ملاحظته بوضوح في الآونة الأخيرة، هل تسعين إلى قول شيء ما، أو لتقديم نفسك ضمن سياق معين؟
– هو حضور متأخر بالنسبة لما أطمح إليه، كنت أسعى ولا أزال للإسهام في تحليل المشهد الثقافي المحلي، بكل أمراضه المزمنة، تمهيداً لهزة قوية، تبعث فيه الحيوية للنهوض والتقدم للأمام، بدلاً من ممارسة الدوران حول المحاور، التي لم نمل من ممارستها. أسعى إلى الهتاف مع الهاتفين، بالهوة العميقة بين الثقافة والفعل الاجتماعي، بين التنظير وتطبيقاته على أرض الواقع. هو حضور متواضع، عانى كثيراً – مثل كثيرين – من الإقصاء والتجاهل، والوقوف على الأبواب الموصدة، ومستقبله غير واضح، في ظل الفوضى الإعلامية التي نعيشها، ومعايير الإعلام العشوائي. أما الرضى، فغاية لا يعرفها الطموح. > بعض قراءاتكِ النقدية لعدد من الأعمال السردية، يأتي مبسطاً، على رغم تخصصك النقدي، هل تتقصدين الكتابة بمثل هذا الأسلوب؟ ولم تتكئ قراءاتك على نظريات نقدية؟
– أي قراءة لا تكتسب شرعيتها خارج المنهج، ولا يمكن أن تتخذ شكلا من دون أن تمتلئ بروح النظرية. قراءاتي لبعض الأعمال المحلية، تنطلق من روح النص ذاته، النص هو الذي يصنع مفاتيح قراءته. نعم أتكئ على نظرية تؤمن بالنص والخطاب الاجتماعي الذي يحمله، في قالب الفن. أما عن البساطة التي تتسم بها قراءاتي، فهي بساطة تنبع من حرصي على الالتزام بلغة نقدية مباشرة، تنشغل بالنص لا بذاتها، كما أن جميع مشاركاتي – وهي معدودة – كانت منبرية، موجهة لجمهور عام، وليست موجهة لمصلحة جمهور أكاديمي متخصص، أو حتى جزءاً من مطبوعات متخصصة. وهذا يعني أن علي الالتزام بشروط الطابع  الشفاهي في التواصل مع الجمهور، وهي مرة أخرى. > نلحظ أنه وعلى رغم التصاقك القوي بكثير من الأعمال السردية القصصية والروائية، من خلال قراءاتها نقدياً, إلا أن إنتاجك القصصي خجول جداً على رغم ما تحمله نصوصك من وعي وإبداع، ما السر في ذلك؟ 
– أكتب القصة من باب الهواية، ولعل اشتغالي النقدي في مجال السرد، هو العائق دون الرضى عن تجربتي القصصية، الاشتغال على تطوير ذاتي نقدياً يشغلني حتى عن الشعر، معتكفي الأول والأجمل. > ونحن في زمن الرواية, وكثرة المنتج الروائي المحلي، وخصوصاً النسائي, وبغض النظر عن تقويمه, ألم تغرك فتنة الظهور من خلال عمل روائي يحكي مثلاً عوالم نسائية مسكوت عنها؟
– هي تجربة مهمة، مجتمعنا في حاجة لها، ليس على المستوى النسوي، بل على المستوى الإنساني العام. وليس من باب الإغراء بالشهرة الموقتة، بل من باب الفعل الاجتماعي المؤثر طويل المدى، الذي تمارسه الرواية، لكن بشروط الفن الراقي، لا الإثارة والصدمة، واستفزاز القارئ. > اتجاهك أخيراً للكتابة من خلال المقالة الصحافية, كيف ترينه؟ وهل ثمة ميل لديك للتنظير والولوج لعوالم المشهد الثقافي كمفكرة, أو مثقفة شاملة؟
– ينتقدني الأصدقاء شاعرة  بطغيان الجانب الفكري على كتابتي الشعرية، فالميل للتنظير والتحليل الفكري موجود بقوة، لكنه بحاجة لممارسة وخبرة واطلاع ضخم، هذا إضافة إلى تفاعل كنت أطمح لأن توفره لي المقالة، وما زلت أسعى لتحقيقه والاستفادة منه. > تتحدثين في مقالة لك بعنوان «المقالة الصحافية بين التشتت والتركيز» عن معضلة الفصل بين ما هو اجتماعي وما هو ثقافي في الذهنية الثقافية الإعلامية والصحافية خصوصاً، لكنك لا تطرحين حلولاً لهذه المعضلة؟
– ذكرت في مقالتي كيف أن التصنيف والفرز عمل يتبع الامتلاء والاحتشاد، وهو شيء غير متحقق في إعلامنا، فما الداعي للفصل بين المجتمع والمنظورات المختلفة التي تعالج قضاياه؟ في رأيي أن الثقافة هي فعل اجتماعي، وأن المجتمع بحاجة إلى فعل ثقافي في المقابل، هي دائرة لم نحقق اكتمالها فكيف نشتتها، ونبعثرها؟ تخصيص المقال بمحور أساس، والتقسيم على هذا الأساس أمر مطلوب، لكن الفصل بين الفعل الثقافي وميدانه الاجتماعي هو المرفوض. > الشعر، كما يبدو لي كمتابع لك، هو عالمك الخاص الذي تتحررين فيه من سلطة المنهج إلى عوالم الأمنيات والأحلام، «انكسارات» كان بداية، فهل ثمة جديد كشاعرة؟
– إنتاجي الشعري قليل، فالمجموعة الشعرية الأولى، على صغرها، امتدت نصوصها لمدى عشر سنوات، وكان النشر تجربة جريئة مني، كوني وضعت أكثر النصوص،
حتى تلك القديمة وغير المقنعة لي. الجديد سيأتي، دعني آمل فقط أن لا يحتاج لعشر سنوات أخرى. > في قصائدك ثمة بوح ذاتي شفيف يخص ذاتك الأنثوية، حيث الأنثى المشحونة بالأحلام والرؤى والأمنيات، إلى  أين تمضين في بوحك الشعري؟
– في الكتابة الموضوعية أنا أسعى لاكتشاف الخارج، أما في الشعر فأنا في سفر متواصل لاستكناه الداخل، الأحلام والرؤى ليست إلا محطات أعبرها لما هو أعمق، لنقطة تسبقني في سعي حثيث إلى الأغوار، نقطة تفسر وجودي، الأهم من ذلك ، تقنعني بجدواه.

جدار – أسماء الزهراني: نريد رواية تلتزم بشروط الفن … ولا للإثارة واستفزاز القارئ

ربما يعجبك أيضا