“انكسارات”… الوصول إلى اللحظة الشعرية 

عبدالواحد الأنصاري | منذ 23 مارس 2006 / 00:00

http://www.alhayat.com/article/1650843

عندما نقرأ ديوان”انكسارات”دار المفردات للنشر والتوزيع للشاعرة أسماء الزهراني، يفاجئنا ذلك الزخم الجزل في شعرها، الذي هو أقرب ما يكون، من حيث التقنية، إلى شعر النهضة، فهو شعر خليليّ عاطفيّ، لا تلجأ فيه الشاعرة إلى محاولات التحديث المتعمّدة، بل تنطلق على سجيّتها، منساقة إلى وحيها الشعريّ الطبيعيّ، دالّةً بذلك على أنّ وهج العبارة والصورة الشعريّة غير راجع فحسب إلى التحديث في الأسلوب والتناول، بل إلى الصدق الشعري، وإلى الملكة الإبداعية في حد ذاتها، تلك التي لا يقيّدها الالتزام الإيقاعيّ من دون بلوغ لحظتها الشعريّة. ومن خارج الإيقاع الخليلي تطالعنا قصائد تفعيلة، لا تبتعد بمسارها عن عموم الديوان إلا باختلافها الإيقاعي، على سبيل المثال قصائد: ذات غفلة وهم، في انتظار الذي لا يجيء، وردة تتحدى المواسم، فيما تطل قصيدة حوار على إيقاع الخطيئة، على عوالم التحديث المعروفة في هذه الآونة. أما من حيث المواضيع التي تناولها الديوان، فقد كانت وحدتها بؤرة الرؤية الشعريّة لدى أسماء الزهراني، التي لم يخالجها التقشف في حشد مختلف المواضيع الشعرية في ديوانها، وعلى سبيل المثال تطالعنا قصيدة”ما العيد”، بوهج شعريّ عامّ، لا يختصّ بمشهد شخصي ولا اجتماعيّ بعينه، بل برؤية شاملة للمشهدين العربي والعالمي، وهنا تهتف الشاعرة بخطابيّة شعرها، التي قلّما نراها في الشعر الذي تكتبه المرأة السعودية: ما العيد؟ أسأل والجوانح لم تزل/ تصغي لصوت تساؤلاتي المبهمِ/ ما العيد يا قلبي، وأي قصيدةٍ/ لم يستبح دمها ثرى الحزنِ الظمي/ هل تاه دجلةُ عن مواطئ خيلنا/ لما تماهى الدمع فيه مع الدمِ؟!”.

وعلى المنوال ذاته تمضي قصيدة”كل موت وأنتم بخير”، في خطاب تجديديّ واعٍ، يتماهى في بعض مقاطعه مع الأسلوب الدرويشيّ:

“مرّ عام/ وقافلة الموت لم تختتم بعد جولتها/ والصغار على ضفة الليل في حلقات/ يرسمون ملامح بابا نويل/ وانقضى الليل لم يأتِ/ فانتظروا قرب باب الصباح/ عندما أرهق الانتظار النهار/ بحثوا في الثرى المستباح/ نبشوا بعض أسراره/ كان محتقناً بالجراح”.

إنّ هذه النشوة الخطابيّة، التي يضع بها الشاعر نفسه في موقف السائل الواعي والخطيب، الذي يجمهر ويجيّش الموقف الشعري العام، ويخاطب في الرجل حميّته ومسؤوليّته، وفي المرأة انتماءها وشراكتها الواقعية، إن هذا الطرح قلّما تنضح به تجارب المرأة السعودية الشاعرة، التي أدت بها مسايرة التجديد غير الواعي إلى التحوصل في الرؤية الأنثويّة الشخصانية، باستثناء إشراقات تفاجئنا بين حين وحين من نصوص شعرية كهاته، التي نقرأها في ديوان”انكسارات”للشاعرة أسماء الزهراني.

ربما يعجبك أيضا