قرار حكيم

وفي 2019 تشكل مؤسسات المجتمع المدني الركن الثالث من الأركان التي تستند عليها رؤية المملكة 2030. وفي سبيل تحقيق الرؤية حققت المملكة حوكمة كاملة في مجال التنمية الاجتماعية وتفوقت وزارة العمل على ذاتها في هذا النطاق.


سمعنا في الفترة الأخيرة عن قرار حكيم وجميل ، حول تنفيذ وتفعيل مؤسسات المجتمع المدني ، مع أنه قرار ضخم وخطير ، وتقع مسؤولية تنفيذه علينا جميعا فردا فردا ، حيث إن مؤسسات المجتمع المدني هي مؤسسات متشعبة ، مكونة من هياكل تطال جهات متعددة رسمية وغير رسمية ، ولعل الجزء الأهم في تنفيذ هذا القرار هو المجتمع ذاته ، الذي يجهل كل شيء عن تلك المؤسسات ، ماهيتها ودورها ، ووظيفتها الاجتماعية النافذة ، فكيف سيتم تنفيذ القرار في مجتمع هكذا صفته ؟ وعلى أي نطاق سيتدرج ؟ وهل سيظل مفهومنا عن مؤسسات المجتمع المدني مختلطا بمفهومنا الساذج عن المؤسسات الخيرية لرعاية الايتام والمعاقين ؟

ينبغي أولا أن نعرف تعريفا بسيطا بديهيا مؤسسات المجتمع المدني ، وهي تلك القنوات التي تشكل جسورا تربط بين المواطن والدولة ، وتعمل على تنظيم المجتمع في مجموعات مشتركة لهدف تطويري نوعي وتكون المؤسسة هي التي تنظم أداء هذه المجموعات بحيث تصبح كقناة يعبر بها المجتمع من خلال هذه المجموعات عن مطالبهم وحاجاتهم , وعن طريقها يستطيعون إقامة الأنشطة التي تسهم في تطوير قدرات هذه المجموعة وتحسين أوضاعها ، مثلا.. رابطة الأدباء والكتاب – جمعية المسرحيين كمؤسسات مدنية ثقافية ، الأيتام – أسر السجناء ، نقابة السائقين ، والنقابات الاخرى ، وهي مؤسسات تقدم خدمات للمجتمع بشرائحه المتنوعه كما تسهم في فك الضغط عن الحكومة وبالتالي توفر قدرة للحكومة للتفرغ للشأن الخارجي وسد أي تقصير في أدائها على نطاق الخدمات الضرورية والتنموية .

المدنية ليست قيمة نظرية مطلقة ، فهي لا تقاس بالكم ،بل بالكيف ، فلا تعبر مظاهر التطور في البنيان واقتناء السيارات الفارهة ووسائل التقنية الحديثة عن حقيقة العقلية المدنية ، فكثير من مجتمعاتنا العربية ، لازال يمارس الحياة العشائرية وقيمها برغم هذه الشكليات التي توحي ببالمدنية ، المجتمع المدني إذن هو ممارسة ، لا قيمة مطلقة ، ومن ثم فمؤسسات المجتمع المدني هي بدورها ممارسة لمفهوم المؤسساتية ، لا هياكل فارغة . والمؤسساتية مفهوم يشير بدوره إلى مرحلة أكثر تقدما ، من صور الحياة المدنية ، وإلى مستوى أعلى من التنظيم والمسؤولية ، في ممارسة تلك الحياة ، فالمؤسساتية تضيف إلى بنية المجتمع المدني ، النظام أولا ، والمسؤولية ثانيا ، والرقابة ثالثا . وفي ظل المؤسساتية ، يتم تنظيم العلاقات ، والأدوار التي يؤديها الفرد في المجتمع ، ويتم مراقبة هذا الأداء ، مما يضفي طابع المسؤولية ، ومن ثم الجدوى على العلاقات والوظائف المجتمعية . ومن أهم عوامل نجاح تلك المؤسسات ، عامل الطواعية ، والوعي بجدوى القيم التبادلية ، فكل فرد يدرك أن حصوله على احتياجاته ، منوط بأداء الآخرين ، ولذلك يحرص بدوره ، على جودة أدائه لوظيفته .
لكي تنجح هذه المؤسسات ينبغي أن تتحرك إدارة هذه المؤسسات باستقلال عن إدارة القطاع الحكومي ، بحيث يكون لها استقلاليتها وسيادتها بحيث يكون لها دور تكاملي مع القطاع الحكومي ، وليس تابعا. وأن يكون دور الدولة .. تنظيم انشائها ومراقبة أي خلل في عملها.. اقصد أي خلل يؤثر على مصالح الدوله . قرار انشاء مؤسسات مجتمع مدني.. يجب أن يبدأ من المجتمع نفسه ، فهو الذي يحتاج هذه المؤسسات ، هو قرار تم اتخاذه رسميا الان ، لكن الامر يحتاج لتوعية المجتمع اولا بهذه المؤسسات التي يجهل عنها كل شيء . نحتاج لمجتمع يمارس المدنية حتى يستوعب مؤسساتها .

ربما يعجبك أيضا