آن أن تقرع الأجراس

2007
الأطفال الأيتام ،الأطفال الفقراء ، والأطفال المعاقون ، و الأطفال الممزقون عائليا ، و الأطفال غير الشرعيين ، والأطفال الجانحون
، كل هؤلاء الأطفال وغيرهم من ذوي الحالات الخاصة ، أين موقعهم من الدائرة الاجتماعية ؟ نظريا ، الإسلام يكفل الحماية الشرعية والقانونية للطفل بصفة عامة ، ولهاته الفئات بصفة خاصة , ولعل أول هذه الحقوق الحق في الحياة والمجيء إليها ، لكن عمليا ، أين يقع هؤلاء في سلم المسؤولية الاجتماعية ؟
لقد بدأت تطفو على السطح ، مشاكل جنوح الأطفال وتشردهم ، ومع التضخم المريع لحالات الطلاق ، أصبح لدينا جيل من الأطفال الممزقين أسريا ، والذين يحتاجون لرعاية خاصة . ولعله من البديهي من القول أن نقول بأن معظم مشاكل الشباب المنحرف ، هي نتاج طفولة مهمشة . حقوق الطفل على الأسرة ، من البديهيات ، لكن حقوق الطفل على المجتمع ، في حالات ينعدم فيها وجود الأسرة ، إما ماديا أو معنويا ، هي ما يمثل الإشكالية . هي حقوق سقطت من ذاكرة المجتمع ، مع سقوط مستحقيها . وهي في طريقها لتغدو مشكلة اجتماعية ضخمة وعميقة ، ولهذا فقد آن أن نقرع الأجراس .
هناك عوامل تزيد من تعقيد مشاكل الطفولة ، من أهمها التحرج من مواجهة المشاكل ، وافتقاد الجرأة على إعلان الرأي ، فكثيرا ما يطربنا التغني بسلامة مجتمعنا ومثاليته ، غافلين ومتغافلين عن المشاكل ، التي لا تعد عيبا ، بقدر ما هي سمة للنمو والتغير ، الذي تتميز به المجتمعات النامية ، بكثافة أفرادها في سن الطفولة والشباب . العامل الثاني عدم توفر الإحصاءات الدقيقة ، والدراسات الجادة في حقل الطفولة ، فأي خطوة للحل ، لا يمكن أن تنطلق قبل تشخيص المشكلة وقياسها بدقة ، وهذا لا يمكن في غياب مراكز البحث المتخصصة ، وتمويل الباحثين المتطوعين في هذا المجال ، فمن المؤسف القول إن العاملين في هذا المجال لا تضم شتات جهودهم أي مظلة حكومية أو خاصة متخصصة . إننا نأمل أن يتم إنشاء المؤسسات المتخصصة وفروعها في كل مناطق المملكة ، والتي من شأنها أن تمد المسؤولين ، بالنصائح المتخصصة الكفيلة بحل إشكاليات الطفولة ومعاناتها . لكن قبل ذلك ، علينا الاهتمام بوضع استراتيجيات كفيلة بتقليص معاناة الأطفال ذوي الأوضاع الخاصة ، في كل مناطق البلاد ، وليس المحظوظون بالسكن في إحدى المدن الرئيسية فقط . ومن تلك الاستراتيجيات ، وضع البرامج المستعجلة لمواجهة مشكلة تشرد الأطفال ، والأطفال المعاقين والجانحين بالخصوص ، ومن ثم يفترض رفع الميزانيات المخصصة للطفولة ، والبرامج التي تخصها . وفي هذا المجال فان المؤسسات غير الحكومية هي مدعوة للمساهمة في هذه الأعمال الوطنية .
و ينبغي التركيز على الأسرة في برامج التنمية ، فالأسرة السليمة المنسجمة مع ذاتها ومع المجتمع ، بلا شك هي محضن الطفل السليم ، والمواطن الصالح مستقبلا .
وأخيرا ، ينبغي تكثيف التواصل بين المؤسسات الرسمية ومراكز البحث العلمي ، ومد الجسور بين هذه المؤسسات والمجتمع ، لكي لا يقتصر عمل المؤسسات على جهد نظري بارد ، وبدلا من ذلك ، يفترض أن يتعاون الجميع في اتجاه هدف واحد ، وهو طفولة سليمة ، من أجل مستقبل وطني واعد .

ربما يعجبك أيضا