“منتصب القامة أمشي”أدب المقاومة بديلا عن لغة العنف

مكة

السبت 26 شوال 1435 – 23 أغسطس 2014

«منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي.. في كفي قصفة زيتون.. وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي..»، غاب من حفر تلك الكلمات، في تاريخ المقاومة العربية، لجرح العرب والمسلمين الأكبر في فلسطين، ورحل تاركا إرثا من الإرادة، لا يمكن أن يموت. رحل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، بعد صراع مع المرض دام سنوات، ووافته المنية الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2014.
لم يقتصر نشاط شاعرنا الفكري على الشعر، فكتب الرواية والمسرحية، والكتابات الفكرية العامة، وصدر له أكثر من ستين كتابا في شتى المجالات. كان شعره بصمة لا تضاهى في المنجز الشعري العربي الحديث، وقامة شعرية عربية، لا يقاس بها غزارة ومواكبة للجديد، ما أهله ليكون محور اهتمام نقدي عالمي وعربي، فكان موضوعا لدراسات نقدية عديدة، وترجمت أعماله لعدد من اللغات، ونال جوائز عالمية وعربية. وترى الباحثة الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي، أنه من الشعراء الكبار القلائل الذين تظهر في أعمالهم ملامح «ما بعد الحداثة».
هو «شاعر المقاومة الفلسطينية»، كما لقبه عدد من النقاد، وهو «شاعر الغضب الثوري» كما وصفه الناقد المصري رجاء النقاش. وإلى جانب الراحل محمود درويش وعدد من الشعراء والشاعرات، كان شعره سجلا لتاريخ الصراع العربي الإسلامي/ الصهيوني، وكان وقودا لإذكاء روح المقاومة.
وفي ظل ميل كثير من الأقلام والسياسات لتمييع هذا الصراع، ومحو تاريخه من عقولنا وقلوبنا، أجد أننا بحاجة لتذكير أنفسنا، وتعليم أطفالنا ما تمحوه أصابع الإعلام المسيس، من هذا التاريخ والواقع. وليس أجدى من الأدب الراقي، ليجذبهم لمعرفة الذات والآخر، واتخاذ موقف عقلاني، غير مفرغ من العدالة، ولا مغزو بالعدوانية. نحن اليوم بحاجة لإحياء أدب المقاومة العادلة، ليكون بديلا عن لغة العنف، التي تخطف عقول الشباب للجهة غير الصحيحة، كطريقة لبناء فكر الشبيبة، وامتصاص حماسهم في المكان الصحيح، وليملأ الفراغ الفكري الذي تفيض به وسائل الإعلام الحديث، ولا مجال للحديث عن أسبابه. 

ربما يعجبك أيضا