البوكر للقصة القصيرة

https://makkahnewspaper.com/article/29649/Makkah/%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%87%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%A9-

نشر الدكتور حسين المناصرة في صفحته في الفيس بوك خبرا عن كتابين قادمين له، سيكون موضوعهما القصة القصيرة السعودية. واستبشرتُ مع مهتمين بالقصة السعودية القصيرة بأنها بدأت تتنفس الصعداء، وامتد ببعضنا الأمل للتفكير بجائزة عربية للقصة القصيرة، على غرار البوكر للرواية العربية، ومتأكدون أن التجربة السعودية ستكون على مستوى المنافسة في هذه الجائزة! ويلحظ المتتبع تزامن هذا الاهتمام النقدي الأكاديمي بالقصة مع تأسيس كرسي الأدب السعودي، الذي خصص لها حتى الآن كتابا جمع فيه المتفرق من أبحاث وأوراق عمل حولها، وملتقى نقديا مختصا بها، انعقد في أبريل المنصرم من هذا العام. واجتمع في هذا الملتقى باحثون سعوديون، أو أكاديميون غير سعوديين، يعملون في الجامعات السعودية، بحيث يضمن ذلك نوعا من الخبرة بالقصة السعودية، تضفي على الأبحاث عمقا وممارسة نقديين.
والقصة القصيرة كنوع أدبي لا تمنح نفسها بسهولة للتناول النقدي،
ولا للقراءة المتساهلة، فهي مقارنة بالرواية قائمة على التجريب المفتوح مع كل نص، ما يضاعف الجهد الذي يتحمله الناقد ليستوعب هذا الانفتاح الفني ويواكبه. وهي مقارنة بالرواية قائمة على الرؤية الفردية التي تتطلب جهدا تأويليا أكبر مما يتطلبه نسيج روائي، يغلب فيه المنطق السردي على الرؤية. وفيما يخص التجربة السردية المحلية، فلا نبعد القول إن قلنا إن الرواية صارت مطية من لا مطية له في الكتابة، بينما احتفظت القصة كثيرا برزانتها، ولم يجرؤ كثيرون على اقتحام حرم التجريب فيها، ولعل هذا سبب إعراض القارئ المحلي عنها إلى الرواية، الأكثر مجانية وسهولة.
وعلى الرغم من توفر عدد من الكتب والرسائل الجامعية حول القصة القصيرة السعودية سابقا، لم تكن كافية للإلمام بجوانبها، فكان بعضها مسحا تاريخيا أو فنيا عاما، وكان بعضها انطباعيا، بلا أسس منهجية، وجاء بعضها مجتزئاً، مكتفيا بدراسة عناصر محدودة، خضوعا للشرط الأكاديمي. وبناء على ذلك لا يُعدّ توفّر العناوين –إن حدث- علامة على كفاية نقدية تجاه القصة القصيرة السعودية. وهذا ما يدعو للتوجه لدراسات تنحو الاتجاهين: رأسيا وأفقيا، فتقدم تحليلا مسحيا دوريا للتجارب القصصية، وتقدم دراسة معمقة لجوانبها الفنية. ولتكن تلك الدراسات مدعومة في جانب منها بالشرط الأكاديمي، لتضمن العمق، ومستفيدة في الجانب الآخر من التأليف الحر، لتضمن تعدد الرؤى، من غير أن تتخذ من الكتابة غير المشروطة عذرا للمجانية والمجاملات، التي تضر بالقصاص والقصة، إن مدحا وإن قدحا.

ربما يعجبك أيضا