الأنثى والاعتصام

الأنثى والاعتصام بظلال الحرف

لطالما كان للأنثى ذلك الخيال الجامح وتلك القدرة الابداعية في كافة المجالات وعلى مختلف الأبعاد ، لكنها مازالت تتوسد البقاء في الظل ، خوفاً من انعتاق ذهنها لينطلق على سجيته ، مما أدى لخلق كيان أنثوي ممزق بلا هوية تذكر ، هذا ما طرق ذهني وأنا أقرأ في موقع كبير من مواقع الانترنت ، اتهامات لمجموع الكاتبات في جريدة سعودية بلا استثناء ، وكل تهمتهن أنهن عبرن عن آرائهن الشخصية ، التي لم يمنعن أحدا من الاختلاف معها ، بل الرد عليها في مساحة في الجريدة ذاتها مخصصة لتعقيبات القراء.

ليست تلك هي المرة الأولى ، فكما يتربص المتربصون بالمرأة السعودية بدعوى حقوقها ، ويتهجمون على حريتها وحقها في تطبيق تعاليم دينها ، نجد في الطرف المقابل ، رقابة من نوع آخر، تترصد لكل حركة تتحركها المرأة السعودية ، وتضعها تحت منظار مكبر ، يرصد العيوب وحدها ، وكأنها المسؤولة عن كل كوارث هذه الأمة ، فهو يلتقط سقوط تلك المطربة المتبذلة مثلا ، ويحسبها على سيرة المرأة السعودية ، ولا يحسب حساب الدكتورة التي حازت جائزة عالمية في تخصص علمي دقيق . ولا تجد المرأة منفذا للتعبير غير الكتابة في الصحف ، لكنها حتى حين تفعل ذلك ، تجد من يفصل لها ثيابا مختلفة ، باقتصاص كلماتها من مواضعها ، وحشرها في سياقات أخرى ، تخدم غرض المتحدث .

باتت تلك الأفياء للكتابة تحتضن بين سطورها خليطا من الآلام والآمال، وآلاف الأفكار أنثوية المنشأ لا تستطيع أن تعبر عنها ، وبدلا من التعبير الحر ، المكفول لكل إنسان خلقه الرحمن على هذه الأرض ، نجد المرأة استسلمت لضعفها ، تسقط بين سطورها هويتها ، آمالها ، طموحاتها ، وحق التعبير عن الذات بلا رقابة ذكورية تحجم من قدراتها . تبقى الأقلام الأنثوية كوميض الشموع لا يمكن أن تضئ ظلمة الكون وأيدي الرياح تتسابق لإطفائها , غابت في خارطة الأدب مملكتها ،
كقصور الرمال التي ما أن تخلق حتى تجرفها المياه ، وكيف تصمد وهي تتربص بها نظرات القصور على امتداد شرائح المجتمع كافة .

هذا لا يعني أبداً أنها حالة شبيهه بالانقراض لأنثوية القلم ، لكنها دعوة للتجسد و التبلور في كيان مستقل .
المملكة فعلاً قائمة بتواجد الكاتبات المبدعات ، في مختلف صحف البلاد ومجلاتها ، لكن يبقى الاستقلال والصمود والحرية الفكرية ، مطلبا يعوز تلكم المملكة ، التي تطل بخجل من زوايا الصحف والمجلات . !
أرجو أن تكون هذه الضفة مرسى لانطلاقة كاتبات لديهن القدرة على الكتابة بلا حدود وفي الزمن المضئ.  هي حالة تشبه النداء ؛
فاتحة لكل كاتبة أن تشرق ، تجمع آمالها ، ثم تتساقط حروفها لتضئ جسد الأنثى الكاتبة، الذي طالما تمزق من نظرات القصور و الوهن ،
في مساحات البوح تستلقي العاصفة و الحلم معاً لتعبر سياج الخطوط الحمراء وتعلن عن قلمها في قزحية الأمل الملون .

ربما يعجبك أيضا