يوم الطفل العالمي

2007 يوم الطفل العالمي – أخبار السعودية | صحيفة عكاظ
https://www.okaz.com.sa/article/141651/يوم-الطفل-العالمي


أيام ويحتفل العالم بيوم الطفل، في العشرين من الشهر الميلادي القادم، وتستعد دول العالم لهذا اليوم بفعاليات كثيرة، الغرض منها تجديد الوعي بأهمية هذه المرحلة من حياة الإنسان، المرحلة التي يتأرجح فيها المرء بين أضعف حالاته جسديا وأقواها روحيا وعقليا. ماهية الطفولة، حاجاتها، أهميتها، أزماتها، كلها أشياء ينبغي أن نتوقف عندها طويلا هذه الأيام، لنراجع ملفاتنا ونعيد حساباتنا جيدا.
من فائض القول أن نتحدث عن موقع الطفولة في الشريعة الإسلامية وعنايتها بها كتابا وسنة، لكن النظرية شيء والممارسة شيء آخر، فكيف تعاملنا في تاريخنا الطويل مع هذا الكيان الحساس؟ وهل فهمناه حق الفهم؟ بل هل أجهدنا أنفسنا يوما بمحاولة فهمه أصلا؟ من كان ليظن أن الطفل يبدأ تاريخه الواعي وهو في بطن أمه؟ ، حيث تتكون حاسة السمع منذ الشهر السابع تقريبا، ويبدأ الطفل تمييز الأصوات التي يسمعها وفق لغة العاطفة والسيالات العصبية التي تؤثر سلبا وايجابا عليه في هذه المرحلة المبكرة جدا من حياته.
يسجل التاريخ البشري المدون سجلات مخجلة في التعامل مع الطفولة، ولهذا التاريخ يدين العالم بيوم الطفل، ومنظمات رعاية الطفولة، واليقظة العالمية ولو من باب النظرية فيما يخص أزمات الطفولة المنسية. ومن عادة التاريخ أن يسجل نقاط التطرف وحدها، وهي نقاط شذوذ على الخط العام، ولهذا فالمسكوت عنه في التاريخ يحكي ويفصح أكثر من المدون، وتاريخ الطفولة وذاكرتها تقع ضمن هذا المسكوت عنه والهامش الواسع، لكنه يظل في جانبيه مدرسة ومعمل تجارب تمارس البشرية داخل جدرانه الوعي والإدراك، وتختبر قدرتها ومسؤوليتها على البقاء في أحسن حالات الرقي الإنساني المفترض. وفي تاريخنا المدون صفحات مشرقة لا يمكن إنكارها في هذا المجال، وهي نماذج تجعلنا مسؤولين أمام أنفسنا عن عجزنا الحاضر في الاقتداء والاستنارة بتلك الصفحات، لكنه يظل تاريخ النخبة، فليس لدينا نسخ كثيرة من أم الإمام البخاري رحمهما الله ، التي سخرت حياتها لتربية هذه الموهبة الفذة، والعملاقة في الفكر والعلم. وحين كان النخبة من أثرياء العرب وساداتهم يعتنون بتعليم أبنائهم الفصاحة والفروسية والحكمة، كان العامة يشركون أبناءهم في كسب العيش، وإلى تاريخ قريب تحكي جداتنا عن الحقائب المصنوعة من الجلد التي كانت تعلق في عامود البيت أو الخيمة، وتحضن الرضع بالأعداد، تحت رقابة الجدة، وفي غياب الأمهات الكادحات طول النهار في الحقول والمراعي.
يدين الإنسان لنفسه بالكثير لأنه أضاع كل هذا التاريخ دون أن يلمس جوهر الكائن الخلاق المتفجر داخله، الذي سرعان ما يضيع من ببين يديه للأبد، فيدفن مع سنوات الطفولة الأولى وذكرياتها المهمشة كل فرصه في التميز والتفرد والانجاز، بضع سطور دونها بعض فلاسفة الأمم حول الطفولة أثناء مناقشتهم لمسائل الإنسان الكامل كالوعي والإدراك والعقل، لا تبريء هذا الإنسان من تهميش الطفولة طوال هذا التاريخ الطويل. وليس هذا تاريخنا وحدنا، فكل أمة من أمم الأرض لديها نصيبها الخاص من هذا التاريخ المشترك، لكن كثيرا من هذه الأمم تنهض منذ زمن من غفلتها وتصحح أخطاء التاريخ، وتسجل قفزات نوعية ضخمة في سلم الحضارة، فماذا عنا نحن؟ ماذا سنجد في سجلاتنا الحاضرة مع الطفولة لو وقفنا قليلا و فتشنا بين سطورها وصفحاتها؟

ربما يعجبك أيضا