نعم الدواء الحجامة

عكاظ 2007
تصدرت الصحف الاسبوع المنصرم عناوين تتناول قرار وزارة الصحة بمنع ممارسة الحجامة ، إلى أن تثبت فائدتها العلاجية ، وهو قرار تحيط به الظلال ، من جهة ارتباطه بمرجعية شرعية ، ومرجعية علمية ، في الوقت نفسه . ومن الجهتين كليهما تنبع الاستفهامات ، حيث يتناقض القرار مع جملة من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، تأتي فيها الحجامة كوسيلة علاجية ناجعة ، ومع شدة تحفظنا على هذا الأمر ، نجده ليس أشد عجبا من تناقض جهة القرار مع نفسها ، حيث سبق أن عقد مسؤولون من وزارة الصحة ذاتها ملتقى عن فوائد الحجامة الطبية ، حضره أطباء ومختصون من مستشفى جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، تجاوبا مع أحدث اكتشافات الطب البديل ، حيث ثبتت فعالية الحجامة لدى الغرب ، فمورست هناك ، في ظل أحدث مناهج البحث العلمي الرصينة .
ولست أدري أي نوع من الاثباتات تريده وزارة الصحة ، غير أدلة شرعية عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، تدعمها تجارب شخصية على مر العصور ، وأبحاث حديثة ، لفتت أنظار الطب الشرقي والغربي للحجامة ، وغيرها من موروث الطب النبوي ؟ و ” من الأدلة الشرعية للعلاج بالحجامة – قوله صلى الله عليه وسلم : ( إن أمثل ما تداويتم به الحجامة و القسط البحري ). أخرجه البخاري. – كما قال : ( إن كان في شئ من أدويتكم خير ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار توافق داء و ما أحب أن أكتوي ). أخرجه البخاري ومسلم – وروى الترمذي و ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنه قال رسول الله : ( ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد مر أمتك بالحجامة . – وقال ( نعم الدواء الحجامة ، تذهب الدم وتجلو البصر وتخف الصلب ) أخرجه الحاكم والترمزي ” .
قال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى: وليس طبِّه صلى الله عليه وسلم كطبِّ الأطباء ، فان طب النبي صلى الله عليه وسلم متيقن قطعي إلهي،صادر عن الوحي،ومشكاة النبوة،وكمال العقل. وتريد وزارة الصحة أدلة وبراهين علمية موضوعية ، فكيف يمكن وفق براهين الطب الحديث أن نصنف العلاج بالقران ، وايات الاستشفاء بالقران قطعية الدلالة واضحتها ؟ ومثله زمزم وقدرتها الشفائية ؟ قد نتفهم تمسك القرار بمصطلح البراهين ، تمشيا مع أساتذتنا في الغرب وعقليتهم المادية ، التي لا تعترف بالوحي ، لكن أن نتنكر لموروثنا الان وبعد ان اعترف الغرب به ؟ وقد نتفهم الامر لو تعلق بطريقة ممارسة الحجامة ، من حيث الممارسة الصحية التي تضمن نظافة الادوات وخبرة المعالج ، لكن كيف يمكن تفسير المنع الصارخ لها جملة وتفصيلا ؟ هذا ما لا يمكننا تفهمه ، ولا القبول به ، إن لم يكن إيمانا واحتسابا بأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فحرصا على أن لا نتأخر عن ركب التقدم ، في مجال يتجه العالم بأسره نحوه ، ألا وهو الطب البديل ، بحجة الموضوعية والمنهجية ، وهما كلمتا حق ، نادرا ما أريد بهما الحق .

ربما يعجبك أيضا