هل طبَّق الطالب في اليابان ما تعلمه عندنا؟!

مكة

السبت 7 رمضان 1435 – 05 يوليو 2014

ناقش الدكتور جاسر الحربش في مقاله المنشور بجريدة الجزيرة بتاريخ 18/6/2014، حالة مبتعث تسلل لمعبد ياباني وحطم تماثيله، وبعد أن استبعد أن يكون الدافع للفعل خللا نفسيا، جازما بأن المختل النفسي لا يمكن أن يخطط لتنفيذ جريمة!! (وهذا مخالف لطبيعة المرض والاعتلال النفسي بحسب الواقع وحديث المختصين)؛ بنى تحليلا مركبا لمجتمع كامل في شخصية المبتعث.
يقول الكاتب: «أفترض أنه ذهب فعلا إلى طلب العلم، لكن بقعة ما في دماغه كانت تحمل سلفا البرنامج المحلي المتعالي والكاره للمختلف»، ويضيف: «لا أراه اقترف ذنبا شخصيا يخصه لوحده، كان فقط أشجع من كثيرين غيره غرست في أدمغتهم نفس البرامج عن كره المختلف».
ديباجة لغوية رائعة، لكن إعمالا لأدوات المنطق لغير غرضها وبغير منهجها، فقد التقط الكاتب حالة شاذة واعتسف تحليلها بناءً على معلومة خاطئة علميا، ليجزم بأن المبتعث علامة على ظاهرة وليس حالة مفردة، ظاهرة علاقة التعليم ومؤسسات المجتمع في البيت والمسجد وغيرها، بتشكيل أجيال من مشاريع الإرهابيين المحتملين، تنقصها الشجاعة فقط لتكشر عن أنيابها في الوطن وخارجه.
وبذلك يلطم وجه الوطن، ويلغي تاريخا مشرِّفاً من الأجيال المتعلمة مبتعثين وغير مبتعثين، ومنهم الكاتب، نهضوا بالوطن في الداخل من مجتمع ريفي منغلق، لمجتمع مدني منفتح على مختلف الثقافات، وكانوا في الخارج سفراء سلام، وسببا في تعريف العالم بالإسلام، بأخلاقهم وتفوقهم العلمي.
هذا التشويه للذات المعرفية والحضارية للوطن، ثمن غالٍ لإثبات وجهة نظر تجاه تيار فكري، يظن الكاتب أنه اخترع الدروس الشرعية، وعقيدة الولاء والبراء، وأن مجتمعنا المؤمن بما أنزل على محمد لم يعرفها قبل دروسهم، تلك العقيدة التي يعد الكاتب السلوك الإجرامي وغير الحضاري (نتيجة محتملة لها)!!
إن نقد الذات والآخر هو ظاهرة صحية بلا شك، لكنها ينبغي أن تقوم على أسس صحيحة منطقا، خالية من جلد الذات والتعصب ضد الآخر، وكلاهما في المقال، حيث بنى الكاتب مقاله – وسيتبع بآخر – على افتراضات نصفها خاطئ ونصفها محض خيال، في تحليل يهدر وقتا وإمكانات عقلية يحتاجها الوطن في أماكن أكثر وجاهة.

ربما يعجبك أيضا