معرض الكتاب بين صناعة الثقافة والاتجار بها

مكة

الأحد 14 جمادى الأولى 1435 – 16 مارس 2014

متوقع من كل كاتب حظي بجولة في المعرض الدولي للكتاب بالرياض، أن يسجل انطباعاته ومشاهداته، مشاركة للمسؤولين في قياس إنجاز المعرض، وتطويره عاما بعد عام.
بديهي أن يكون حساب عدد الزائرين أحد معايير نجاح المعارض (قلت ذلك لنفسي حين طولبتُ بالفاتورة في كل مرة خرجت من المعرض)، لكن معارض الكتب ليست سوقا للعرض والطلب، فقياس نجاحها لا يكون بحساب عدد الزائرين، وكمية المشتريات فحسب، بل بتفحص نوعية الكتاب المعروض، والكتاب المطلوب، لأن الأول يعكس جودة الكتابة، والآخر يقيس مستوى القارئ.
هناك حقيقة تثبتها الإحصاءات، وتؤيدها المشاهدات، وهي كون الشباب حول سن المراهقة يشكلون قاعدة الهرم السكاني في البلاد العربية، بعكس بلدان العالم الأول.
وأمام هذه الحقيقة علينا أن نتساءل، هل يؤخذ بالاعتبار هذا التشكيل الديموغرافي في خطط التنمية بشكل عام؟ وضمن خطط التنمية، وفي القلب منها بناء هذه الفئة هوية وثقافة وعمقا معرفيا، فهل من واجب معارض الكتب أن تنساق وراء رغبات القراء المراهقين، أم عليها أن ترتفع بهم وتبنيهم فتعرض لهم ما يرتقي بهم معرفيا؟إن وظيفة معارض الكتب أن تجعل الكتاب الجيد مطلوبا، باستثمار وسائل التسويق والإعلان، لا أن تتيح منصات التوقيع وتسخر وسائل التسويق لما يطلبه الجماهير (المراهقون)، بلا معايير، ولا ضوابط.
وتبعا لذلك ليس من المنهجي أن تقاس جودة الكتاب في بيئتنا المحلية بمبيعاته، فهذا المعيار يطبق في بيئة يشكل القراء المحترفون الناضجون غالبية فيها، كالبيئة الغربية، أما قراؤنا المراهقون فليس إقبالهم على كتاب ما معيارا لجودة الكتاب، ولا إعراضهم عن غيره علامة على رداءته.
لقد كان الانقياد وراء قلة الخبرة الطبيعية البسيطة لهذه المرحلة العمرية خلال السنوات الماضية عاملا رئيسا وراء الفيضان التأليفي المحلي، وغير المحلي، من خلال النشر التجاري الذي يستغل هذا العامل، ويغرق السوق بمنتج هابط بذاته وبقارئه.
هي دائرة جدلية إذن، نشر تجاري يغرق السوق بالمطلوب بغرض الربحية، وكاتب يتوسط بهذا الناشر ليجد نفسه مطلوبا على منصات التوقيع (وليست قاعدة طبعا)، والمعرض يسخر إمكاناته للاثنين على حساب الكتاب الجيد، والقارئ المحتاج للبناء والتشكُّل.

ربما يعجبك أيضا