كم هاني يلزمنا لصناعة الفرق؟

مكة

السبت 10 رجب 1435 – 10 مايو 2014

هاني المالكي، طالب طب من جامعة الملك سعود للعلوم الصحية، قرأنا خبر فوزه بجائزة الأفلام في مؤتمر التعليم العالي للطلاب، وبما أنه أحد طلبتنا في جدة، شدّني الفضول والغبطة لمعرفة المزيد عنه. وجدته يعرّف بنفسه: «مصور، مخرج أفلام قصيرة، طالب طب، مهتم بالتثقيف الصحي وخدمة المجال الصحي من خلال التقنية، من مؤسسي مدونة ميد سكوب».. هكذا بدأ «هاني» التعريف بنفسه كمصور ومخرج، قبل كونه طالب طب، وأثار هذا التعريف لدي شجونا تتعلق بالنضج المعرفي لطلاب التعليم العالي، ووعيهم بالتعليم، كوسيلة لبناء الذات، كفرد مبدع، وكمواطن فاعل.
تأملت من المشاكل رسوخ القيم النفعية للتعليم كمعبر للوظيفة فحسب. يتذمر الطالب الجامعي من الواجبات ومن المشاريع الفصلية البسيطة جدا، ومن اﻻختبارات، ومن زيادة العبء الدراسي، بل يتذمر من جدوى تدريس بعض المواد!! يتساءل طالب الطب مثلا عن جدوى دراسته الحاسب، وتتساءل طالبة التمريض عن جدوى دراسة اللغة العربية والثقافة الإسلامية!! وإن سؤاﻻ كهذا يتوازى مع اللامسؤولية التي تجعل الطالب يقبل على تخصصات ﻻ يعرف شيئا عنها، ومع نقص كبير في نضج الشخصية، وقاعدتها القيمية، وفي الوعي بمعنى التعليم العالي، كمرحلة لوضع اللمسات الأخيرة والضرورية لبناء الشخصية، عبر تحديد أهدافها وقيمها من خلال مواد اللغة والثقافة، قبل تسليحها بالعلم والمعرفة عالية الشروط، للانطلاق في حياة العمل والمسؤولية المجتمعية. وهو سؤال يكشف أيضا عن عدم جدية الطالب في تأسيس ذاته، بحيث يعرف أهمية كل مادة عامة أو متخصصة، ويعطيها حقها من التقدير والاهتمام.
وحتى ﻻ نذهب بعيدا سنأخذ شواهدنا من عالمنا، وجميعنا يشهد كيف النضج المعرفي في صناعة اﻷجيال السابقة، في مختلف التخصصات، وكأفراد في المجتمع: آباء ومواطنين؟! وماذا تركت اﻷمية الثقافية في أجيال اليوم من بصمات الفراغ القيمي الكبير؟! لم يكن من الغريب في اﻷجيال السابقة أن تجد الطبيب الروائي، والوزير الشاعر، والمهندس الرسام!! فمن المسؤول عن انعدام الحافز للتعلم وانعدام تقدير الهوية، وتلاشي الطموح للإنجاز كقيمة تحسب بالكفاءة واﻹبداع، ﻻ بالراتب والبدﻻت وحدها؟
وأخيرا، كم «هاني» يلزمنا لصناعة الفرق، وللسير بوطننا باتجاه الضوء؟

ربما يعجبك أيضا