علم فلسطين في تشيلي: حضارة موقف وموقف حضاري

مكة

السبت 28 رمضان 1435 – 26 يوليو 2014

الثقافة في أحد وجوهها هي المعرفة بالذات والعالم، لكنها في تحققها هي اتخاذ موقف منهما. والثقافة الفردية هي انعكاس للبناء الحضاري للدول، كما أنها من عوامل تشكيله.
وما تتخذه الشعوب الغربية من مواقف تجاه القضايا اﻹنسانية المختلفة – ومنها ما يحدث في غزة – ليس إﻻ ممارسة حضارية تحقق البناء الثقافي للفرد على مستوى رفيع، يتمثل في العمق الفعلي لرأي الفرد، وموقفه من العالم، كما تعكس قدرته على التأثير في توجه الحكومات، إذ يتكثف الصوت الفردي ليكون صوت الشعب.
إن العامل اﻹنساني والمعيار اﻷخلاقي هما الحدان اللذان يحكمان تواصل الشعوب المتحضرة ثقافيا مع ما حولها، ويحددان موقفها من العالم. والوقفة المشرفة ﻷعضاء برلمان تشيلي، حاملين علم فلسطين المحتلة، ثم سحب السفير ليست إﻻ صورة من ذلك التواصل الذي يؤسس المواقف الجادة، الناتجة عن سلوك ثقافي حقيقي، نراه في امتداد الموقف الحضاري في اﻷجيال، كما تمثل في وقفة اﻷطفال وقفة رمزية، ملطخين أنفسهم بلون الدم أمام سفارة إسرائيل في بلد أوروبي، حيث تعلو سياسة معاداة السامية المزعومة، لكنها ﻻ تمنع الإنسان المتحضر من اتخاذ موقف يمثل مبادئ اﻹنسانية المشتركة.
تأسست الحضارة الغربية الحديثة على سلوكيات ثقافية من أهمها تقديس الحقيقة المجردة، والبدء بمعرفة الذات قبل الآخر، دون وساطة السياسة المراوغة وﻻ مخادعة اللغة. هذه الثقافة المؤسسة على سلوك معرفي أخلاقي ملتزم تجاه الذات والآخر، هي ما يجعل من واجبنا التوجه نحو الشعوب في دول متينة البناء الحضاري المعرفي، وعدم تفويت هذا التطلع الحضاري للتواصل والتفاعل مع قضايا اﻹنسان، من قبل شعوب تحصل على كامل حصتها من حقوقها سياسيا واقتصاديا وحقوقيا.

ربما يعجبك أيضا