رائحة للبراءة

(1)
وكيف أنام؟ّ!
وبالباب سِرب حمامٍ
تناوشه الريح
تستلّ من حدقات الصغار البياضَ
فتصفق بالباب أجنحةٌ
أرجوانية الحلم
مرهونة الدرب خلف مزاج الرياح
……
وأسمع ندب الثواكل
يبعث فيّ حنينا
لأبطالي الخارقين
جمعتُ ملامحهم من تفاصيل خوفٍ قديم
توارثتُه كابرًا عن كبير
وخبّأتُه في مكانٍ قصيٍّ من العمر
في علبةٍ من سنيّ الطفولة
ألقيتُها في عباب الأساطير
كي أتناسى ملامحها
…….
وجاءت بها الريح
يُسلِمها الموج
يومًا ليوم
إلى أن تعثّر في حزنها ….
….حفنةٌ من صغار الحمائم
رائحةٌ للبراءة تجذبهم خارج السّرب
تقذف في روعهم شغفَ الأسئلة
فتصفق بالباب أجنحةٌ
أسلمتْها براءتُها لمزاج الرياح

(2)
وعُدْنا غريبَين
عاد الضباب يغلِّف أحرفَنا
والمرايا سواد
..
عدنا غريبين
عاد الخواء يطاردنا
والنهار يقلّم أطرافَه اليأسُ
يصفعنا البرد
يحرثنا البرد
تقرعنا دمدمات السطور
تضجُّ بأنصافها
بنتوءاتها
بما اختلس الليل منها …
تتناوش في آخر الدرب فاصلةٌ (،)
نقطةٌ (.)
وفي آخر الدرب
عند امتلاء المسافة بالملح …
سوف يفرحها موعدٌ باختتام

(3)
وإذ يمتطينا السأم
تحتسينا الكآبةُ
تذرَعُنا الترهات
نعاكس تيار هذا الذّهول
يخامر أرواحنا
فنستلّ أقلامَنا
نتجمّع خلف متاريس أحرفنا
نتساقى المرارة
ننفضُ أسماءَنا
تتقاذفنا أذرعُ اليأس
ينمو على كحل أهدابنا شجرُ الحبر
ينقشنا فوق لوح الضجر

أورثتنا الكتابةُ.
ما أورثتنا الكتابة؟!
ما أورثتنا الكتابة !!
أورثتْنا الكتابةُ خارطةً للبكاء
ومقصلةً للطموح
ومفرزةً للوجع
أورثتْنا الكتابةُ عشقَ ارتكاب الكلام …

ربما يعجبك أيضا