في انتظار الذي لا يجيء


الثواني التي غرستْ نصلها في ضمير المساء
أثمرت وخزةً في عيون النهار
ارتوتْ من جنون الجوى
فاستوتْ قامة الوجد ماءٌ ونار
أصلها ثابتٌ في تخوم الحنين
فرعها في سماء الوجع
و امتداداتها تتوغل بين شظاياي
تنفُض ما فاض من حُلَّة الاصفرار

في انتظار الذي لا يجيء
تعلّمتُ كيف أدسُّ عروقي في تربة الغد
محتشداً بالمسافات
أرسم فوق شفاه الليالي مذاق التلاقي

في انتظار الذي لا يجيء
احترفتُ الوداع
تعلّمتُ فكَّ معاقد خيبات أمسي
هدهدتُ خوف منامٍ يلوذ بغرّته الوهن
أقتصُّ آثارها
فاتحات المطالع مستوطنات المآقي

في انتظار الذي لا يجيء
عرفتُ بأن البدايات ليست سوى قفزةٍ للنهايات
أنّ اللقاء يخبيء خلف بشاشته
ألف وجه وداع
وأني إذ اقتاتني الانتظار
لقد كنتُ في كفّ سادنة الحلم
أرفل في الوهم
أقرأ فيها ذواتي فيما تفتّق عنه ذهولُ الحكايات
يدهشني ما يباغتني من دروب
يلوب بأحشائها المعدمون انتظارا
فأرتدُّ للوهم
أزرعُني في متاهاته
محضَ أحجيةٍ لا تتوق لقارئها
محض لؤلؤةٍ لم تسخّر براءتها لجنون المحار
وتثمل روحي بسرّ انعتاقي

في انتظار الذي لا يجيء
حملت مفاتيح عمرٍ يناهزه اليأس
خبأتها في ثياب المتاهات
كيما يصادفني الفجر
يلبسُني
ثم يعرُج بي في متون القصائد
يطرحُني في بوار السنين
ويستلّ من بين أضلعها ما اغتذتْه سنين البوار

رُدّ قلبي
ففي الأفق ما لا يحيط به الحزن
لا يدرك الطرف أوّلُه
من رماد المحاجر
من رعشات القناديل خوف التلاشي
وفي الوقت متّسعٌ بعد للاحتضار

ربما يعجبك أيضا